رمضان يبني القيم

رمضان والاستثمار

رمضان والاستثمار

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وبعد:

أراد الله تعالى أن يصف ليلة القدر فقال تعالى: (وما أدراك ما ليلة القدر ..ليلة القدر خير من ألف شهر)، وهذا القدر الذي يشير الله تعالى إليه تعادل العبادة فيه ثلاثاً وثمانين سنة وبضعة أشهر، ثم أراد الله تعالى أن يبين لك عن حال تلك الليلة وما فيها من الخيرات فأخبر أن ملائكة السماء بما فيهم جبريل عليه السلام تنزل تلك الليلة وتشارك جموع المسلمين، وتبتهج بهذا الشرف الكبير في عالم الأرض فقال تعالى: (تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم)، وأبان الله تعالى في ختام وصف تلك الليلة بكلمة مشاعرية تهتف بقلوب كل راغب إلى أبعد حد فقال تعالى: (سلام هي حتى مطلع الفجر).

فتأمل هذه المعاني الثلاثة التي أشار الله تعالى إليها في هذه السورة، وأجِلّها بمشاعرك وارصد لها من أفراح قلبك ما يعينك على إدراك ما فيها من خيرات!

كل الكتب والأحاديث واللقاءات التي يحدثها الناس لا يمكن أن تقنعك بالاستثمار في شيء كما تقنعك هذه السورة بالعناية بتلك الليلة والاستعداد لها ودفع كل ما يمكن في سبيل الاستعداد لها والقيام بحقها.

تخيّل أن الذي يعرض شجون هذه الليلة هو الذي خلقها الله جل جلاله، وتخيّل أن ملائكة السماء تلك الليلة معك على بساط هذه الأرض، وأن أشرفهم جلالاً وقدراً جبريل عليه السلام معهم ومعك على ذات المساحة، وأن الله تعالى يخبرك أن سلام تلك الليلة يعم الكون إلى بلوغ فجرها.