تدبرات قرآنية

إن وعد الله حق

إن وعد الله حق
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وسلم أجمعين:
في مرات يكثر الحديث عن بعض القضايا ويطولها النقاش أكثر من غيرها، وذات مرة جاء الحديث عن غربة الدين فقال أحدهم لصديقه:
هل من لازم الصبر ألا تتألم قلوبنا، ولا تثور مشاعر القلق في نفوسنا، ولا تخرج من أفواهنا تأسفات حول ما نراه في واقعنا؟ 
فالتفت إليه صديقه وقال له: من قال لك هذا؟ لعلك فهمت من الحديث عن الفأل والأمل في أيام الأزمات هذا اللازم!
يا صاحبي: القلوب التي لا تتوجع، والنفوس التي لا تتألم، والمشاعر التي لا تقلق على واقعها قلوب تفتقد الحياة!
حكى لنا القرآن عن أعظم الرسل صلى الله عليه وسلم أنه كاد يهلك حسرة لإعراض الناس عن الهداية في زمانه (لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين).
وأعظم الأجيال التي رافقته شكت ذات مرة (ألا تدعو لنا، ألا تستنصر لنا) ؟
يا صاحبي:
من حقك أن تتوجّع والواجب عليك في ذات الوقت أن تلوذ بالصبر كما أمر الله تعالى نبيك صلى الله عليه وسلم يوم تكالبت عليه الظروف وامتلأ واقعه بالأزمات (فاصبر إن وعد الله حق).
كان يقول له : 
‏(فاصبر إن وعد الله حق)
‏حتى لو كانت الحقائق مرة، والأحداث كبيرة، والعالم كله يموج بالخراب!
‏(فاصبر إن وعد الله حق)
‏حتى لو رأيت أن كل شيء غير ممكن ولا سبيل إلى الإصلاح، ولا تجدي المحاولة.
‏(فاصبر إن وعد الله حق)
‏حتى لو بلغ الطوفان الأرض وتخيّل لك أن كل شيء قد انتهى.
(فاصبر)
وليس من لازم الصبر أن تقعد على عتبة بابك باكياً متأسفاً متألماً!!
واجبك أن تفرغ على قلبك وهمومك ومشاعرك من وعد الله تعالى (إن وعد الله حق) حتى تتيقن ذلك الوعد.
(إن وعد الله حق)
فلا يمكن أن يديل الباطل على الحق إدالة مستمرة.
(إن وعد الله حق)
في نصر دينه وحزبه وأوليائه وإن طال زمان الليل واشتد ظلامه.
(إن وعد الله حق)
في خذلان العدو، وزهوق الباطل، وتحقيق مراده.
ومن لازم هذا الوعد أن تقوم بدورك، ولا تبرح ثغرك، وتجهد وسعك في بناء مساحة ودائرة تأثيرك.
والله يتولانا وإياك .
د. مشعل عبدالعزيز الفلاحي
١٤٣٩/٧/٢٠