صُنّاع الإيجابية
صُنّاع الإيجابية
خرجت اليوم بعد صلاة الفجر من الحرم إلى السكن، وإذا بصاحب سيارة في وسط الزحام يوقف سيارته وينادي علىّ لأركب فركبت ظناً أنه يعرفني، ثم لم يبرح مكانه حتى ملأ سيارته وهو يقول (سبيل) فأزاح عني غشاء ذلك الفهم وأدركت أنه خرج ليستقبل أرباح الدارين من خلال سيارته في باكر هذا اليوم.
ثمة فئات تحاول جاهدة في إثارة مساحات العمل والإيجابية من خلال مواقفهم اليومية، ويستثمرون كل فرصة تسنح للبناء، ويـأتون على آمال الواقع من خلال تلك الإيجابية.
وفي السنة حديث عاطر عن شخصيات لقيت في الدنيا عاجل بشراها من خلال تلك المواقف العارضة.
هذه امرأة بغي خرجت لقضاء حاجتها وفي الطريق استوقفها كلب يلهث من شدة العطش فوهبت له من مساحة وقتها وهمومها وجهدها حتى أعادت له الحياة من جديد فكانت على موعد مع غفران الذنوب.
ورأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يتقلّب في الجنة لأنه قطع شجرة من طريق المسلمين، وفي واقعك الذي تعيش فيه لن تعدم مثل هؤلاء الذين تزدان بهم الأرض، ويأتون على مشاعر الآخرين من خلال مساحة الإيجابية الممتدة في واقعهم.
يأسرني لدرجة الشوق ذلك الذي يعيش لغيره، ويهتف لبناء واقعه، وتستولي عليه فكرة العمل والبناء والتضحية لتستوعب همومه ومشاعره حتى إنك لتشعر أنه يستحوذ على مساحات الحب من قلبك دون عناء.
وها أنا أقول لكل قارئ لهذا الحرف في يوم جمعة إنك حين تستقطع جزءاً من وقتك لهموم واقعك لا تمد في مساحة العمل فحسب وإنما تحيل الأرض إلى مساحات خضراء تملأ عين الناظر وتأتي على مشاعر البهجة في واقعه.