حديث الجمعة

لدي حُلُم

لدي حُلُم
ليكن لديك حلم يطوّح بأفكارك ومشاعرك إلى الغد! إلى هناك، إلى مساحات الأمل والأحلام! كن كأولئك الذين رأوا واقعهم قبل أن يعانقوه بعشرات السنين وما زالوا في الطريق إليه حتى كانت لحظات اللقاء.
اخرج من ضيق اللحظة، وأسر الواقع، وهموم المحيط إلى ساحات حلمك، وأيام الربيع في حياتك.
دعك من كل ما يقال حولك، وما يثار في طريقك، وما تتناقله مجالس المحبطين وانهض إلى أحلامك الكبار.
أنا هنا لا أتكلم عن فكرة تود الوصول إليها أتكلم عن حُلُم يقتات من مشاعرك، ويعيش في وجدانك، ويأخذ كل لحظة من تفكيرك.
احلم! واجعل لنا من حلمك قصة تروى على الأجيال! احلم لنقتات الأجيال القادمة من أملك .
احلم حتى لو كنت في بيت مستأجر، أو من عائلة فقيرة، أو تعيش ظروفاً بائسة، احلم فسيأتي الربيع وتعود الأرض خضراء من جديد.
احلم أيها القارئ فالتاجر لم يولد يوماً وفي فمه ملعقة من ذهب! والعالم ولد وهو لا يعرف شيئاً من حروف الهجاء.
قم يا صاحبي إلى بيتك وعلّق على جداره قصة حلمك، واكتب فيه رؤيتك، وسجّل مشروعك الكبير في زواياه، وابدأ رحلة الأشواق إليه، وقل لكل من وقف في طريقك أو شكك في أحلامك، أو استطال مسافة ذلك الأمل: ( لدي حُلُم ) وستسقط أمام هذا المعنى كل عقبات الطريق.
(لدي حُلُم) هو الذي أخرج ربيعة بن كعب الأسلمي في ساعة متأخرة ليأتي للنبي صلى الله عليه وسلم بوضوئه وحين قال له صلى الله عليه وسلم: (سل يا ربيعة) قام الحلم يجيب : (أسألك مرافقتك في الجنة يا رسول الله).
(لدي حُلُم) هو ذاته الذي كان يعيش في مشاعر تلك الصالحة التي أصيبت بالصرع وتسقط متكشّفة في عرض الطريق فتأتي لرسول الله صلى الله عليه وسلم قائلة: (ادع الله يا رسول الله أن يشفيني) فيقول لها: (إن شئت دعوت الله تعالى لك وإن صبرت فلك الجنة) فيقول الحلم من جديد (بل أصبر يا رسول الله) وتعيش على شقاء الدنيا ونوبات الصرع تخنقها في كل حين ومشاعرها ترصد لحظات الحلم (إن صبرت فلك الجنة).
(لدي حُلُم) هو الذي كان يخامر عقل هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان حين قال لها بعض متفرسي العرب (إني أتوسم في طفلك أن يسود العرب) فقالت: (ثَكِلْتَه إن لم يسد إلا قومه).
(لدي حُلُم) هو الذي جعل من أبي بكر رضي الله تعالى عنه قصة تروى في العمل والبناء والتضحيات حتى إنه ليدعى يوم القيامة من أبواب الثمانية يدخل من أيها شاء.
(لدي حُلُم) هو الذي حفّز بلال رضي الله تعالى عنه حتى إنه لا يتوضأ وضوءًا في أي ساعة من ليل أو نهار حتى يصلي بذلك الوضوء ركعتين .
(لدي حُلُم) هو الذي طوّح بهمة سعد بن معاذ رضي الله عنه حتى اهتز لموته عرش الرحمن ولم يتجاوز عمره في الإسلام سبع سنوات.
(لدي حُلُم) هو الذي جعل من مانديلا يقول في اللحظة التي يدخل فيها السجن: (سيأتي اليوم الذي تمشي قدمي على العشب الأخضر وتضرب الشمس الحارة في رأسي) وجاءت بعد سبع وعشرين عاماً من سجنه.
(لدي حُلُم) ليست أمنية مجردة! وإنما رحلة عمل تبدأ فتخلو فيها بنفسك، وتفكّر في مشروعك، وتترك لخيالك أن يسبح في الفضاء كيف شاء.
(لدي حُلُم) تحتاج منك تفرغاً من شواغل نفسك، وتفكيراً طويلاً في التاريخ الذي ستبدأ خطواته الأولى.
(لدي حُلُم) تحتاج منك إلى قرار تتخذه مهما كانت كلفته، ومهما كان طول أمده ومسافته.
(لدي حُلُم) ميلادك الجديد! وتاريخ أحلامك القادمة! وأيام الربيع في حياتك القادمة.
(لدي حُلُم) تحتاج منك أن تخطو في الأرض وأنت مشبع بالثقة مليء بالأحلام، قادر على بذل كل ما يمكن للوصول إلى تلك الأحلام.
(لدي حُلُم )
رددها الآن على لسانك
واهتف بها في مشاعرك
وحدّث بها من حولك
فهذا آخر يوم تودّع فيه عامك وتستقبل فيه أحلامك!!

 

د. مشعل بن عبد العزيز الفلاحي
الجمعة 30/12/1435هـ