حديث الجمعة

الأسماء بين صراع الثقافة والقيم (2)

الأسماء بين صراع الثقافة والقيم(2)
زرت مدرسة إبان عملي في الإشراف التربوي في اختبار اتقان ووجدت طفلاً في الصف الثالث الابتدائي يبكي فسألت المعلم، فقال: هذا الطالب كتب اسمه على الورقة (عزّام ) واسمه الصحيح غير الذي كتبه لأن أهله وعدوه أن يغيروا اسمه القديم إلى عزام لكن سميه رفض تغيير اسمه وإلا ستطولهم حرب لا سلم فيها.
وقام المعلم بمسح ما كتب الولد وأعاد اسمه القديم على ورقة الاختبار، وتساءلت لحظتها من المسؤول عن دموع هذا الصغير؟ من المسؤول عن موقفه أمام زملائه؟ من المسؤول عن الأمراض النفسية التي تنتظره في قادم الأيام؟
إن الاسم يمتد أثره على صاحبه، بل يتجاوز ذلك ويمتد إيجاباً أو سلباً على القبيلة، هذا نبينا صلى الله عليه وسلم يقول: ( أسلم سالمها الله، وغفار غفر الله لها، وعصية عصت الله تعالى).
وكان صلى الله عليه وسلم يذكّر بأثر الأسماء حتى قال: (أَحَبُّ الْأَسْمَاءِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: عَبْدُ اللَّهِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ) وكان يتفاءل صلى الله عليه وسلم بالأسماء الجميلة فحين أقبل سهيل بن عمرو في صلح الحديبية قال صلى الله عليه وسلم (سهل أمركم) وكان كما قال !
وتجاوز أثر الاسم الجميل إلى الرؤيا فقال صلى الله عليه وسلم (رأيت كأنا في دار عقبة بن رافع فأتينا برطب من رطب ابن طاب فأولت العاقبة لنا في الدنيا والرفعة وأن ديننا قد طاب).
وفي حديث سعيد بن المسيب عن أبيه عن جده قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما اسمك؟ قلت: حزن فقال: أنت سهل! قلت: لا أغيّر اسماً سمانيه أبي، قال ابن المسيّب فما زالت الحزونة فينا بعد.
لم يترك ديننا مساحة إلا ملأها جمالاً وأناقة غير أن الجهل يطارد هذه المساحات ويضيّقها، ويصنع مثل هذه الحكايات المتأزمة في واقع أسرة ومجتمع!
فإذا ما لبس هذا الجهل صورة الشرع فجعل هذه الأسماء غير اللائقة باباً من أبواب البر للوالدين زادت آثار الواقع البئيس وامتدت مساحاتها في الواقع.
ولعل هاتين المقالتين تسهم في تصحيح بعض هذه الممارسات في حياتنا، والله ولي التوفيق .

 

د. مشعل عبد العزيز الفلاحي
الجمعة 3/11/1435هـ