آفاق تربوية

المعرفة الناهضة

المعرفة الناهضة
لا تصنع المعرفة شيئاً مثيراً في حياتك إلا حين تتحوّل إلى برنامج أو مشروع عملي تطبيقي، وعلى هذا فلا مفروح بكم المعلومات التي تحفظها أو تضبطها في حياتك، وإنما الفرح الكبير بمشاهد صور العمل والتطبيق التي تغشى واقعك من أثر تلك المعرفة.
وكم من فجاح واسع بين المعرفة كمادة محفوظة وبين واقعها التطبيقي في حياة إنسان! وإذا أردت مثالاً يقرّب لك الصورة فتأمل كم عدد من يحفظ هذه الحقيقة كمعرفة: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوّاً) وتأمل في المقابل كم الذين تحولت عندهم هذه المعرفة إلى مادة تطبيقية عملية (فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا) ! لتدرك ذلك الفارق الكبير بين حرف يقرأ وحرف يتحول إلى ساحة عمل!
يأسرني في هذا المعنى قصة الصحابي الجليل ابن عمر رضي الله عنهما الذي عرض تلك الرؤيا التي رآها ذات مساء على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له صلى الله عليه وسلم : (نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل .. فما ترك قيام الليل بعد) وعلي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه الذي تلقى تلك المعرفة القائلة: أن الأذكار التي تقال عند النوم بمثابة الخادم فقال: والله ما نسيتها ولا ليلة صفين!
أردت أن أقول لك: إن المعرفة الناهضة بواقعك ليست تلك التي تزيد في رصيدك المعرفي وإنما تلك التي تتحوّل إلى برنامج ومشروع عملي تطبيقي في حياتك اليومية.. والكبار هم الذين يبنون من خلال المعارف التي يتلقونها سلالم للمجد، وعوامل للنهضة الكبرى.

 

د .مشعل بن عبد العزيز الفلاحي
الجمعة : 25/3/1436هـ