في انتظار الحلم
في انتظار الحلم
ذات مرة أضاءت الإشارة الحمراء وأنا في الطريق وثمة زحام كبير، وراع الحاضرين صوت منبه سيارة كاد أن يذهب بالألباب!
شاب لديه قريب حصل عليه حادث وفي حالة حرجة ويريد أن يستثمر كل لحظة من أجل الوصول بمريضه للمستشفى قبل فواته، حتى أنه نزل ويصيح في الناس ليمنحوه فرجة يتسلل منها رغم خطورة الموقف!
ورأيته يجري كالمجنون ويخاطب الناس ويضرب على سيارتهم حتى انفض الموقف بفتح الإشارة، ولو كان من أمامه يبيع تلك اللحظة لدفع فيها عمره من أجل تحقيق غايته!
تخيّل معي أن ليلتك هذه وما يتلوها من ليال يبلغ فضل العمل فيها إلى ثلاث وثمانين سنة وبضعة أشهر (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ)، ويصل معدّل الساعة فيها إلى ثمانية أيام!، ومن قامها غفر له ما تقدّم من ذنبه، ولا يعدل الرباط على ثغورها شيء! ومن رأى الحلم بين عينيه دفع كل ما يملك من أجل الوصول.
كان نبيك صلى الله عليه وسلم وهو الذي غُفر له ما تقدّم من ذنبه يدرك لحظاتها فيرابط على ثغورها معتكفاً، ولا يبرح مكانه حتى تنفض أيامها، وكذلك الكبار !
ومثلك أوعب لقيمة زمانه، وكان الواحد من سلفك أشح على وقته منه على ديناره ودرهمه! والفرص تعرض وتزول، كم من فرصة عانقت بصاحبها الفردوس الأعلى من الجنان! رابط معتكفاً إن استطعت، وإلا فالزم المسجد قدر جهدك واحرص على الصلاة مع إمامك، وتصدّق ما أمكنك، وأدمن ذكر الله تعالى، وكف عن كل عارض يلهيك، وألح على الله تعالى في الدعاء، ولا تبرح (اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني) فهي وصية نبيك صلى الله عليه وسلم.
يا صاحبي قلمي ومشاعري أقل من أن يصفوا لك قيمة الزمن الذي تعيشه، وحجم الحدث الذي تستقبله، وكم من فائت لا ينفع فيه البكاء!.