النصف الآخر
النصف الآخر
الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وبعد:
في مرات كثيرة نعتني بالنصف الفارغ من الكوب وندع النصف المملوء!.
حدّثت عائشة رضي الله تعالى عنها أنهم ذبحوا شاة فتصدقوا بأكثرها فسألهم النبي صلى الله عليه وسلم ماذا بقي منها؟ فقالت: ما بقي منها إلا كتفها! فقال صلى الله عليه وسلم (بقي كلها غير كتفها) وهذا الحديث يلفت انتباهنا إلى العناية بالجزء المملوء من الكوب على حساب الجزء الفارغ!.
فالذاهب من الشاة صدقة هو الباقي، والذي أُكل منها هو الذي ذهب في الحقيقة (بقي كلها غير كتفها).
وإذا تأمل كل واحد منا حاله في التعامل مع نفسه وولده وزوجه وحتى مشروعه وجد بأنه يركّز وبصورة كبيرة جداً على السلبيات والأخطاء والمشكلات على حساب النظر إلى الجوانب الإيجابية والأشياء المدهشة والمساحات الممتعة في حياته وحياة من حوله.
غالباً ما نتحدث عن أخطائنا وظروفنا ومشكلات واقعنا في مقابل سكوت عريض عن نجاحاتنا وإيجابياتنا ومحاولاتنا الناهضة في سبيل بناء ما حولنا منشغلين بنصف الكوب الفارغ على حساب النصف المملوء حتى تحوّل الحديث عن قدراتنا ومهاراتنا نوع من الحديث الممقوت وبضعة رياء في حساب كثيرين فتحولنا في النهاية إلى كومة أخطاء أشبه ما تكون ببرميل النفاية القابع في زاوية بيتك وتبحث بكل ما تملك للخلاص منه.
قل مثل ذلك في الحديث عن زوجاتنا وأولادنا لا تكاد تسمع إلا الشكوى والألم والمعاناة فتتخيّل في مرات كثيرة كأننا نتحدث عن شياطين الأرض!.
ومثل ذلك الحديث عن الواقع وقَلَّ أن تجلس في مجموعة إلا وتسمع سيلاً هادراً من أخطاء الدوائر الحكومية والمؤسسات الأهلية على مستوى الأفراد والجماعات والأنظمة، وإذا قُدّر لك أن تستل نجاحاً من كومة هذا الظلام وتحاول أن يأخذ حظه من النور والخروج من ذلك النفق المظلم قاموا إليك مذكرين بإخفاقه فاتحين لك ألف باب على ظلامه وعواره.
يا رفاق الطريق:
من السهولة بمكان أن نتآزر على لعن الظلام ونتكاتف على سبه بيد أن الحياة الكبرى:
أن نوقد شموعاً فنبدد ذلك الظلام ونعيش في النور ما بقيت الحياة!.
موضوع جميل جداً
جزاك الله خيراً
d0ojy3