بوح المشاعر

فأل الأزمات (1)

فأل الأزمات
(١)
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وبعد:
في مرات كثيرة تكون الرفاهية التي نعيشها هي أخطر الأمراض التي نعاني منها للدرجة التي لا نعي معها تخلفنا عن قيمنا وضياع مقدراتنا وفوات أهدافنا وأولوياتنا، وقد أشار الله تعالى إلى هذا المعنى فقال: ﴿ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة حتى عفوا وقالوا قد مس آباءنا الضراء والسراء فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون﴾
جاءت أزمة كورونا ومع كل الظروف البائسة التي خلفتها إلا أننا خرجنا منها بدروس وقضايا ضخمة بنت أفكارنا ومفاهيمنا، وشكّلت تصوراتنا، ولعل من أبرز تلك الأفكار والمفاهيم والتصورات التي شكّلتها الأزمة في الجانب الاجتماعي على سبيل المثال القضاء على كل صور الفوضى التي كانت تصحب الزواج بكل تكاليفها المرهقة وتمت زواجات كثيرة في ظل تلك الأزمة داخل البيوت وبحضور العروسين فحسب في حين كان مجرد تصور هذا المشهد ضرب من الخيال!
واحد من دروس الأزمة: أنه ليس هناك ليل بلا فجر، ومن عمق الظلام تتخلل مباهج  الفرح، ولا مستحيل في الحياة، وما كان غير ممكن عاد ممكناً مع الأيام.
وثمة واجبات ضخمة في أعناق المسؤولين والتجار والمثقفين وشيوخ القبائل وكل إنسان يحمل هم الإصلاح أياً كان موقعه ودوره ومسؤوليته لدعم هذه المشاهد والاحتفاء بها حتى تأخذ حقها من نفوس العالمين ويمتد أثرها في مستقبل الأيام، ولا أقل من أن ترفع يديك داعياً لهم بالتوفيق.
وصدق الأول حين قال:
إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة
فإن فساد الرأي أن تترددا!
كم هو الفرق بين أسرة تم زواجها وبنت أحلامها وصنعت من الأزمة فألاً صالحاً للحياة، وأسرة أخرى تنتظر عاداتها التي تكبلها بالديون وتشرف بها على كثير من الفوضى والضياع!