فإن وضوح الرؤية من أعظم الأسباب المؤثرة في بناء الإنسان ونجاحه وتفوقه وبلوغه آماله، وغالب المتخلفين في الطريق إنما أتوا من ضياع هذا المعنى الكبير في واقعهم!
يحكي لنا معاذ بن جبل رضي الله عنه وضوح الرؤية لديه فيقول: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فأصبحت يوماً قريباً منه فقلت يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار! فقال صلى الله عليه وسلم لقد سألت عن عظيم!
وحين أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يكافئ ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه فقال له سل قال أسألك مرافقتك في الجنة!!
وحين سأل صلى الله عليه وسلم بلالاً رضي الله عنه عن العمل الذي سمع به صوت حذائه في الجنان قال: ما توضأت وضوءًا في ساعة من ليل أو نهار إلا صليت بذلك الوضوء ركعتين!!
كانت تلك الأجيال تعي وبوضوح هذا المعنى الكبير في حياتها وكانت بوصلة الشمال واضحة جداً لدى كل واحد منهم وكان هذا المعنى يسيطر على همومهم وتفكيرهم ويستنطق أفواههم ويأتي أولاً في كل أمنياتهم.
وأسوأ ما يواجهنا اليوم ضياع الرؤية وفقدان بوصلة الشمال فقد تجد الواحد منا إلى يومه هذا وهو ما زال يتخبّط في صلاته ولم تنتظم له حتى هذه اللحظة.
وآخر تسترقّه شهوه مال أو وظيفة فيقع في الربا الصريح مقابل إدراك أمنيته فيها.
وربما تجد رب أسرة يحسن كل شيء وتتلاشى القيم الكبرى في واقع أسرته كل يوم ولا تعني له شيئاً.