العطاءات المدهشة
العطاءات المدهشة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وبعد:
كثيرة هي العطاءات التي نستقبلها كل يوم ولكن أكثر هذه العطاءات دهشة وأعظمها أثرها وأضخمها نتيجة تلك العطاءات التي يمن الله تعالى بها على عبد من عبيده !.
لم يكن أبو الأنبياء ولا زوجه يتصوران ذلك الخبر المدهش وهما في أعقاب العمر وفي انتظار الخواتيم ﴿فَأَوجَسَ مِنهُم خيفَةً قالوا لا تَخَف وَبَشَّروهُ بِغُلامٍ عَليمٍ فَأَقبَلَتِ امرَأَتُهُ في صَرَّةٍ فَصَكَّت وَجهَها وَقالَت عَجوزٌ عَقيمٌ قالوا كَذلِكِ قالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الحَكيمُ العَليمُ﴾.
ولك أن تتأمل في خاتمة الخبر لترى كيف أن الله تعالى إذا أعطى أدهش!: ﴿قالوا كَذلِكِ قالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الحَكيمُ العَليمُ﴾.
وحين بلغ القلق بأم موسى على وليدها مبلغاً عظيماً خوفاً عليه من بطش فرعون دفعه الله تعالى إليه من خلال تابوت وفي اليم وجعل عدوه يتولى تربيته وتأهيله وإعداده لمستقبل الأيام ﴿فَالتَقَطَهُ آلُ فِرعَونَ لِيَكونَ لَهُم عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرعَونَ وَهامانَ وَجُنودَهُما كانوا خاطِئينَ﴾.
ثم رده إليها في النهاية في صورة مدهشة ﴿فَرَدَدناهُ إِلى أُمِّهِ كَي تَقَرَّ عَينُها وَلا تَحزَنَ وَلِتَعلَمَ أَنَّ وَعدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلكِنَّ أَكثَرَهُم لا يَعلَمونَ﴾.
وحين ضاق الحال على هذا النبي في معركته الكبرى مع عدوه فكان وجهاً لوجه مع البحر وعدوه قاب قوسين أو أدنى منه جاء عطاء الله تعالى في صورة مدهشة كذلك.
﴿فَأَوحَينا إِلى موسى أَنِ اضرِب بِعَصاكَ البَحرَ فَانفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرقٍ كَالطَّودِ العَظيمِ﴾ وما هذه إلا نماذج وصور من أشياء لا يتسع المقال لذكرها والحديث عنها.
يعلمك القرآن درساً في غاية الأهمية وهو أنك إذا أردت شيئاً مدهشاً وفوق العادة فسل ربك مُلحاً وانتظر ذلك العطاء المدهش في النهاية.
إذا ضاقت ظروفك، وتأزم واقعك، واشتد بك الكرب فيمم وجهك إلى الله تعالى وانتظر في النهاية ما يدهشك.