من أسباب النصر!
من أسباب النصر !
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وبعد:
في أثناء دراسته للماجستير قدّم عناوين كثيرة لرسالته ولم يقبل منها عنوانا واحداً للدرجة التي أصابه اليأس وهو يبحث ثم استدار لأحد الأسباب المعنوية التي غالباً ما نغفل عنها ويفوت علينا تأثيرها في الأحداث التي نعيشها والمشكلات التي نواجهها فحمل أمه وخالته وذهب بهما إلى الحرم ثم سألهما أن يلحّا على الله تعالى في تيسير أمره وتقريب مقصوده!.
يقول أحد زملائه وكنت قد بدأت في رسالة الدكتوراه وألقى الله في قلبي أن أذهب للجامعة طالباً التخفيف لأن موضوعي طويل وإذا بالجامعة تقبل طلبي والدكتور المشرف يقول لي: سجل الزيادة المحذوفة باسم فلان، وقمت له بكل شيء حتى اسمه ورقمه الجامعي علماً أن خطة البحث ومراجعه جاهزة ليس عليه إلا أن يشرع في بحثه فاتصلت عليه وسألته ما صنع فقال لي لا جديد!
فقلت له: ما ذا صنعت في اليومين السابقين؟ قال لي لا شيء إلا أني حملت أمي وخالتي للحرم طالباً من الله الفرج! فقلت له وقد تحقق لك ما تريد وأبلغته بالخبر! .
ومن تأمل الوحي عرف قدر الدعاء وأعطاه حقه من العناية والاهتمام ولو لم يكن في ذلك إلا وعد الله تعالى ﴿وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ﴾.
وإذا سبرت سير الأنبياء وجدتهم أكثر الناس إقبالاً على هذا المعنى سواءً لأحوالهم الشخصية كما في سورة الأنبياء ﴿وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين﴾، (وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين﴾، ﴿وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين﴾ وكانت النتيجة لكل هؤلاء ﴿فاستجبنا له ﴾.
أو كانت تلك الدعوات لمشاريعهم التي عاشوا من أجلها في الحياة كما في سورة طه في قصة موسى ﴿قال رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني …. ) وغيره من الأنبياء!.
وفي الحديث (كم من أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبره)، وفي بدر تخلّى النبي صلى الله عليه وسلم عن حوله وقوته ورفع يديه وما زال يدعو حتى سقط رداؤه وهو يقول (اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض) ويردد (اللهم أنجز لي ما وعدتني به).
إننا في ضرورة ماسة اليوم إلى استلهام الأسباب المعنوية والإقبال عليها ومنحها أوقاتنا ومشاعرنا، والتخلي عن قوتنا الحسية بعد بذل الأسباب الكافية في هذا الباب!
ومسؤولية كل فرد اليوم كبيرة جداً في الإقبال على الله تعالى وكثرة الدعاء والإلحاح على الله تعالى في تحقيق ما نصبوا إليه من آمال، وهو المستعان وعليه التكلان وله الأمر من قبل ومن بعد.