وحي السيرة

من وحي السيرة (٣)

من وحي السيرة (٣)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فالقارئ لسيرة نبيه صلى الله عليه وسلم سيصتدم في أول أسطرها بزحام العقبات والمشكلات في طريقه للدرجة التي ستغرقه مشاهد السخرية والاستهزاء وطلب الآيات الدالة على صدقه، وستحزنه تلك المحن التي تعرّض لها صلى الله عليه وسلم في باكر مشروعه للدرجة التي حُصر في شعب أبي طالب ثلاث سنوات، وألقي على رقبته سلى الجزور، وكسرت رباعيته يوم أحد، وطرد من وطنه وأرضه غير أن المدهش بحق أنك لا تكاد تظفر بموقف تشاؤم واحد رغم تلك الأحداث التي عاشها صلى الله عليه وسلم في مواجهة الباطل وظروفه وأزمات واقعه.
وحين شكى إليه صحابته ويلات ذلك الواقع قال صلى الله عليه وسلم (والله ليتمنّ الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون).
كان الواحد منهم لا يأمن على نفسه وقت خلائه وسلاحه لا يفارق يده ومع ذلك يربيهم صلى الله عليه وسلم على انتظار الفرج (ولكنكم تستعجلون).
وحين قال أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه في حادث الهجرة وهما في الغار (والله يا رسول الله لو أن أحدهم نظر إلى موقع قدميه لرآنا) فقال صلى الله عليه وسلم (ما بالك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما)!! .
وحين تضجّر الصحابة رضوان الله تعالى عليهم من شروط صلح الحديبية للدرجة التي رفضوا أن يحلقوا رؤوسهم حتى غضب عمر رضي الله تعالى عنه وقال: ألسنا يا رسول الله  على الحق وهم على الباطل؟ أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ فقال صلى الله عليه وسلم (إني رسول الله ولن يضيعني) ثم جاء عزاء القرآن يسلي تلك القلوب المكلومة (إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً).
يا رفاق الطريق!
وصية الله تعالى (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) تجري في كل شيء حتى في حاله وفأله في أوقات الأزمات وصروف الزمان!.

 

د. مشعل عبدالعزيز الفلاحي
١٤٣٩/٨/٢١