تحكي الشريعة في رمضان قصة ذلك الرجل الذي وقع على أهله زمن الصيام وكيف تعاملت معه في ثوب من القوة والصرامة فأوجبت عليه عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً في إشارة إلى تكاملها، وجمعها بين اليسر والرحمة بالمكلف، والضبط لتصرفات المتساهلين في حياض الحرمات.
إن هذه الشريعة تشرّع منهجاً يقوم على الرحمة والعطف واليسر بالمكلف إلى أقصى درجة، ثم هي في المقابل تفرض حصاراً على المتمردين، وتذيقهم مس حرارة المخالفة حتى يعودوا إلى الطريق ولا يحدثوا خللاً في اتساق هذه الشريعة في قادم الأيام .
إن هذه الحدود التي يقوم عليها نظام الشريعة هي النظام الذي يصنع للناس أمناً، ويجعلهم يعيشون فيما بينهم في ساحات من الربيع (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون)، حين يقتل القاتل، وتقطع يد السارق، ويجلد الزاني أو يرجم، ويضرب شارب الخمر فلا تخسر الأمة فرداً أو عضواً وإنما تحيا من جديد فيدرك الناس حقوق بعضهم بعضاً، ويسود بينهم الاحترام، وتشاع روح الأخوة، وتجري مباهج الحياة وكل طرف يدرك ماله من واجبات، وما عليه من حقوق.
إن ثمة شغب يرفع صوته في أطراف الدنيا يديره العدو على أحكام هذه الشريعة باسم حقوق الإنسان يريدون أن يحولوا به بلاد الإسلام إلى قطيع من الحيوانات التي تتهارج فيما بينها في ساحات الفوضى .
تؤكّد هذه الشريعة يسرها وجمالها وألقها وكأنها تقول لي ولك: لا تضاد بين الأخلاق الجميلة ومعاملة الناس بالحسنى وبين الأخذ على أيدي العابثين وردهم إلى الطريق من جديد.
يمكنك أن تفسح من أخلاقك لولدك ولزوجك إلى أبعد مدى وحين يخالف منهم أحداً الطريق مصراً متعمداً من الضرورة أن تقوم بدورك التربوي فترده إلى الجادة من جديد.