رمضان يبني القيم

رمضان وسماحة الشريعة

رمضان وسماحة الشريعة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وبعد:
قاعدة الشريعة الكبرى: أن الأصل في الأشياء الحل والإباحة، وأن رحمة الله تعالى سبقت غضبه، وأن كل ذنب غير الشرك عاقبة صاحبه إلى الجنان وإن لقي في طريق رحلته إليها شيئاً من العقوبة والحرمان.
حين تقرأ أحاديث الصيام تشدك تلك الرحمة التي تمتلأ بها تلك النصوص: (ما تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر)، (ما تزال أمتي بخير ما أخروا السحور)، (إن الله وملائكته يصلون على المتسحرين)، (ومن أكل أو شرب ناسياً فلا شيء عليه فإنما أطعمه الله تعالى وسقاه)، (ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر)، حتى الحامل والمرضع تسقط عنهما هذه الفريضة إشفاقاً بولدهما، ورحمة بهما وبصغيرهما.
كل هذا رحمة بك، وعطفاً وإشفاقاً عليك، وإذا امتد نظرك إلى أصول الشريعة وفروعها أدركت تماماً أن الله تعالى أراد بها إسعاد الإنسان في الدارين.
حين تقرأ نصوص الوحي قراءة مشاعرية سيدهشك جمال هذه الشريعة ويسرها وأناقتها ورعايتها لأدق التفاصيل المشاعرية في حياة الإنسان، وإذا أردت أن تشرق حياتك من جديد فاستكثر من قيم الوحي، واستجمع من فضائل العمل ما يجعلك بهيجاً في الدارين.
تشفق عليك هذه الشريعة للدرجة التي تدفعك لتأخير السحور حتى لا تجهد في نهارك ثم تأمرك بتعجيل الفطر حتى لا تشق عليك، وإذا أكلت أو شربت ناسياً فليس عليك شيء إنما أطعمك الله تعالى وسقاك فقل لي بربك من الذي قال لك بأن هذه الشريعة ضيقة وحرجة والله تعالى يقول: (ما جعل عليك في الدين من حرج)، من الذي قال لك أن تكاليفها شاقة وربك يقول: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها).
هذه اليسر و السعة ورفع الحرج الذي تراه يملأ شريعتك يجب أن يتحوّل إلى مشاعرك وقلبك فتكون كذلك سهلاً بسيطاً مع زوجك وولدك وأبويك، وتكون بشوشاً خلوقاً مع صحبك وصديقك.
يجري الفأل والأمل في قلبك ومشاعرك كما تجري روح هذا الشريعة في حياة الناس لا فرق.