رمضان يبني القيم

رمضان والقرآن

رمضان والقرآن
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وبعد:
عرّف الله تعالى رمضان بأبرز خصائصه، وأبهج صوره فقال تعالى: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن) حتى أن السلف فقهوا هذا المعنى فجعلوا من هذا الشهر قصصاً مثيرة في التنافس على خيرات كتاب الله تعالى قراءة وتدبراً.
غير أن الذي يستوقفك ويثير همومك ويبعث فيك تساؤلات كثيرة لا تنتهي بك عند حد حديث ابن عباس في الصحيحين في وصف نبيه صلى الله عليه وسلم: (وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن)، كيف ربط جوده صلى الله عليه وسلم برمضان، وجعل سبب تلك الزيادة الظاهرة في جوده علاقته بالقرآن! وكم من عاقل أخذته الدهشة وهو يمعن في هذا الوصف لأثر القرآن على صاحبه.
تُرى كيف يكون واقع المسلمين لو كانت هذه الحلقات المثيرة في جنبات بيوت الله في شهر رمضان تقرأ كتاب ربها متدبرة متأملة لمعانيه ممتثلة لما فيه من هدايات! ماذا لو أن كل مسلم عقد عهداً مع ربه تعالى أنه لا يمر بأمر أو نهي إلا وأعطاه حقه من الاستسلام والقبول والعمل!.
إن مما يؤلم كثيراً أن يردد أحدنا في مواضع كثيرة من كتاب ربه: (إن الله لا يهدي القوم الظالمين)، ثم لا تردعه هذه الآية عن صور ومشاهد الظلم في حياته كزوج، وأب، ومسؤول.
ومؤلم في ذات الوقت أن نردد قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين) ثم تجد الواحد منا يركب سيارته، ويؤثث بيته على مثل هذه الصور الجالبة لغضب الله تعالى وسخطه ولعائنه.
ومؤسف غاية الأسف أن نردد في كل مرة شهادة الجوارح على أصحابها في مواقف القيامة (اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم، وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون) ولا يرعوي أحدنا عن الاستكثار من صور هذه الشهادات عليه كل يوم. 
يا أيها المقبلون على مباهج هذا القرآن، لا يفتكم ربيع التدبر في هذا الشهر فكم من آية حملت صاحبها إلى منازل الفلاح والتوفيق.