رمضان يبني القيم

رمضان والأوساط الإيجابية

رمضان والأوساط الإيجابية
الحمد لله رب العالمين، والصلاة السلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وبعد
تُرى ما الذي أعان هـذه الجموع على الصيام في رمضان رغم طول ساعاته وأيامه؟ ما الذي جعلهم يؤدونها في أجواء مشاعرية تبلغ بهم لدرجة الفرح والسرور رغم كُلفتها؟ إنها الجماعة والأوساط الإيجابية التي تُحيل كثيراً من صور التكاليف إلى مثل هـذه المباهج المثيرة في واقع الحياة.
حين أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يؤدّب المتخلفين عن غزوة تبوك رضي الله تعالى عن الجميع فرض عليهم عُزلة شعورية فكانوا رغم وجودهم في وسط الجماعة محرومين من معناها الكبير للدرجة التي كان يفيض دمع الواحد منهم مراراً لفقدانهم أنسها وألقها الروحي والمشاعري.
تُعلمنا الجماعة في رمضان أن المشاريع الجماعية تستوعب طاقات المجتمع، وتكوّن أرضاً خصبة للعمل، وتشجع على التعاون، وتثير روح التنافس فيما بين الآخرين فلولاها بعد توفيق الله تعالى لم يكن بوسعنا أن نصوم شهراً كاملاً، وخمسة عشرة ساعة كل يوم، ونصلي، ونعتكف، ونتصدق، ونأتي على ختمات كثيرة من كتاب الله تعالى.
إن عصرنا اليوم هو عصر التكتلات، والأمة بحاجة إلى اجتماع أفرادها وتكاتفها فيما بينها، وصناعة مشاريع تستوعب طاقاتها الممكنة، وتعينهم على المشاركة في البناء في صور من الجماعية تنصهر فيها روح (الأنا) وتتضخم فيها وعي (نحن) دون تحزّب لرأي أو فكرة أو مشروع، وتتعاون في ذات الوقت مع كل راية غايتها الحق ورائدها التعاون، وهمها خدمة الإسلام.
علينا أن نفطن لأثر الوسط الإيجابي ودوره في بناء عاداتنا الإيجابية وتحقيق ما نريده من آمال.
إننا بحاجة إلى اختيار الصديق الصالح، والرفقة الإيجابية الفاعلة، والجماعة المؤمنة بأهدافها، والفئة التي تزدلف لكل فضيلة وترقب كل مثير من العمل والبناء لأننا بهذا التركيز والاختيار نتغلّب على ظروفنا وعقبات الطريق التي تواجهنا ونبلغ ما نطمح إليه من آمال.