رمضان يبني القيم

رمضان ومفاهيم الوحدة

رمضان ومفاهيم الوحدة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وبعد
لا تحتاج في رمضان لمفاهيم ومعارف جديدة تذكرك بأهمية وحدة هـذه الأمة واجتماع كلمتها ووحدة صفها، يكفي من ذلك كله أن ترقب هذه المشاهد في الإفطار والسحور والتراويح والقيام لترى كم هي حاجة الأمة لمثل هذه المعاني الكبيرة في تاريخها وواقعها.
كثيرة هي صور الخلاف التي أخذت واقعها من الأمة على مستوى الأفراد، والجيران والمؤسسات وحتى البيوت وفيما بين الأصدقاء والزملاء والأرحام والأقارب، وباتت تتوسّع بشكل مخيف على مستوى الأمة وكلٌّ يدعي فيها أنه على الحق وغيره على الباطل وصدق صلى الله عليه وسلم: (يئس الشيطان أن يُعبد في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم)، وفي كتاب الله تعالى واعظ هذه الفُرقة وخطر هذا الخلاف على أصحابها (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم).
أراد الشارع من خلال هذه الصور التي نراها في الإفطار والسحور والتراويح والقيام  أن يبني في نفوسنا قيمة الاجتماع ، ويؤلف بين روح الجماعة الواحدة، ويخلق من هذا الشتات جموعاً تشعر بعمق الصلة وروح الانتماء فيما بينها، ويذكرها بذلك المقصد الكبير (إن هذه أمتكم أمةً واحدة وأنا ربكم فاعبدون) ولكن لا يكفي التمتع بهذه الصور لحظات رؤيتها بل يجب أن تمتد هذه الصور إلى تحقيق آمالها الكبرى في النهايات.
إن الواجب على كل فرد أن يعي دوره في وحدة الأمة، وأن يرقب مشاهد هـذه الجموع في رمضان بعين الغبطة، وأن يحاول جاهداً أن يمد في أثرها، ويحيي صورها ويوس‍‍ع نطاقها قدر وسعه.
على كل فرد أن يتخلّص من الخلاف الذي بينه وبين زوجه ورحمه، صديقه وزميله في العمل لأنه بذلك يوسع في درس الوحدة، ويمد في الاجتماع، ويكون بذلك لبنة من لبنات الأمة الواحدة، ومثل ذلك الأسرة، والبيت الواحد، والجيران، وأصدقاء العمل، وزملاء الدراسة، وأصحاب الحق كل في دائرته ويحاول كل فرد أن يقيم جداره وأن يعتني بدائرته ويملأ مساحته ويوسّع في أثر هذا المعنى الكبير مع الأيام.