من أعظم الغايات التي جاء رمضان لتجذيرها في نفوسنا تعظيم شعائر الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) لم يأت رمضان لنتوقف عن الطعام والشراب فحسب وإنما جاء رمضان لصناعة الغايات الكبرى من تعظيم الله تعالى، وإجلاله والقيام بشعائره، والوقوف عند زواجره ونواهيه.
(لعلكم تتقون) دعوة مثيرة لملئ مساحات رمضان بالطاعات والإتيان من خلال وقته على كثير من المعاني العبادية التي من شأنها إعداد الإنسان للحياة، وجعله عنصراً مثيراً في واقعها.
إذا أردت أن تعرف هذه الحقيقة فتأمل قول نبيك صلى الله عليه وسلم: (مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ) من لم يدع الباطل من الكذب والزور ومخالفة الحق في أيام رمضان فلا حاجة لله تعالى في ترك طعامه وشرابه، وكم من صائم لا يلتفت الله تعالى إلى جوعه وعطشه! وكم من مؤمل في غير طريق!
(لعلكم تتقون) إعادة هيكلة لبناء الإنسان ومفاهيمه ومضامين روحه وصياغته على وفق المنهج الذي يريده الله تعالى. وليست صوراً فارغة من محتواها الكبير! وكم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش! وكم من متم للشهر عدداً لم يأت منه كيفاً كما يريد.
(لعلكم تتقون)دعوة لأن تخوض جوارحك كلها رحلة الصيام وتتحول إلى مخلوقات تقوم بحق ربها وتأتي من رمضان على أهدافها وغاياتها في واقع الحياة.